بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد……
لا شك أن الفتوى شأنها بالغ الأهمية ودورها وأثرها كبير وخطير، والقائم عليها قائم على ثغر خطبه عظيم؛ لأنه بها يعرف الحلال والحرام، وبها تنضبط تصرفات المكلفين في أقوالهم وأفعالهم، وفي معاملاتهم وأخلاقهم وفق منهج الشريعة التي شرعها الله تعالى؛ لذلك اهتمت الشريعة الإسلامية بها اهتماما بالغا وحرصت على إيلائها قدرا ً كبيرا من العناية والتأصيل من حيث المفهوم والمنزلة والآداب والآليات والضوابط التي يستخدمها الفقيه في استنباطه للحكم.
وقد أنزل سلفنا الصالح وعلماؤنا وفقهاؤنا الفتوى منزلة كريمة ومقاما عاليا لما لها من أثر في دين الله تعالى وفي حياة الناس، ومع ذلك وجدنا تهيبهم من الفتوى وتريثهم في أمرها، وتوقفهم في بعض الأحيان عن القول، وتعظيمهم لمن قال: “لا أدري فيما لا يدري" وازدراؤهم على المتجرئين عليها دون اكتراث؛ استعظاماً لشأنها وشعورا بعظم التبعة فيها.
وكان كثير من الصحابة لا يجيب عن مسألة حتى يأخذ رأي صاحبه، مع ما رزقوا من البصيرة والتوفيق، والسداد، بل إن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يُسأل أحياناً فلا يجيب حتى يسأل جبريل، وكذلك كان الخلفاء الراشدون مع ما آتاهم الله تعالى من سعة العلم يجمعون علماء الصحابة عندما تعرض لهم مشكلات المسائل؛ يستشيرونهم ويستنيرون برأيهم.
ومن منطلق ما سبق ولدور الجامعة الإسلامية بغزة وكلية الشريعة والقانون في خدمة المجتمع والتواصل معه تم إنشاء لجنة الإفتاء لتلبية حاجة المجتمع المحلي ومجتمع الجامعة في مجال معرفة الحكم الشرعي في أمور حياتهم، والحصول على إجابات علمية عن استفساراتهم حول القضايا والمسائل المختلفة التي يتعرضون إليها استناداً إلى كتاب الله وسنة رسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم، ويتركز دورها على بيان الأحكام الشرعية وتوضيحها للمستفتين (أفراداً وهيئات ومؤسسات) إلى جانب نشر تعاليم الإسلام والفكر الوسطي من خلال إصداراتها المتنوعة ونشاطاتها المختلفة.
وتجيب عن استفسارات الجمهور المتعلقة بالأحكام الشرعية، في مجالات الحياة المختلفة، العقائد، والعبادات، والأخلاق، والأحوال الشخصية، والمعاملات، والعقوبات، والكفارات، والاقتصاد، من منطلق التزامنا تجاه ديننا الإسلامي الحنيف وانسجاماً مع قوله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)(النحل:43).
وقد تعاقب على رئاسة لجنة الإفتاء بالجامعة الإسلامية بغزة العديد من العلماء والفقهاء الإجلاء الذين كان لهم دوراً بارزاً في نيل ثقة المجتمع بما يصدر عنها من فتاوى حتى غدت لجنة الإفتاء ملاذا يأوي إليها كل من يحتاج إلى معرفة الأحكام الفقهية في القضايا المختلفة، وقد ترأس هذه اللجنة منذ نشأتها: فضيلة الشيخ: محمد قوصة (رحمه الله)، ثم توالي على رئاستها كل من فضيلة الدكتور: يونس محي الدين الأسطل، وفضيلة الأستاذ الدكتور: أحمد ذياب شويدح (رحمه الله)، وفضيلة الأستاذ الدكتور ماهر حامد الحولي، وفضيلة الأستاذ الدكتور: مازن إسماعيل هنية، وفضيلة الدكتور/ ماهر أحمد السوسي، وفضيلة الدكتور: زياد إبراهيم مقداد، بالإضافة إلى أعضاء لجنة الإفتاء من الأساتذة المتخصصين من كلية الشريعة والقانون.
وشاءت إرادة الله تعالى أن تسند إلىَ رئاسة لجنة الإفتاء في هذه الدورة، فأسأل الله تعالى أن يعيننا على حمل هذه الرسالة، وأداء هذه الأمانة وأن يلهمنا الرشد والصواب والسداد.
الدكتور عاطف محمد أبو هربيد
رئيس لجنة الإفتاء
الجامعة الإسلامية – غزة